مكانة أبي عبد الله القرطبي في خدمت الشريعة من خلال تفسير

مكانة أبي عبد الله القرطبي في خدمت الشريعة من خلال تفسيره

شهادة العلماء بأبي عبد الله القرطبي

قال فيه الإمام الذهبي 1 الإمام العلامة أبو عبد الله لخزرجي القرطبي إمام متفنن متبحر في العلم، له تصانيف مفيدة تدل على كثرة إمامته وإطلاع ووفور فضله، وقد سارت بتفسيره العظيم الشأن الركبان، وهو كامل في معناه وله كتاب الاسنى في أسماء الحسنى 2.

قال عنه الإمام الذهبي أنه إمام متقن ومجد في العلم. من خلال كثرة إمامته وإطلاعه الشين الذي جعل للعلماء يشهدون له بهذه الشهادات.
 
قال عنه ابن فرحون 3، لم أقف على التأليف أحسن منه في بابه وله أرجوزة جمع فيها أسماء النبي صلى الله عليه وسلم وله تأليف وتعاليق مفيدة غير هذه 4 و كان طارح التكلف يمشي بثوب واحد وعلى رأسه طاقية.

النقولات العلمية للعلماء عن أبي عبد الله القرطبي

استفاد مجموعة من العلماء والمفسرين من التفسير العظيم للقرطبي ومن بين العلماء نذكر:

الإمام ابن كثير:

نقل عن الإمام القرطبي عند تفسير قوله تعالى: {وإذا استسقى موسى لقومه فقلنا أضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم} {البقرة: 60}.

ثم ذكر قوله القرطبي في المسألة 

دعوى الإجماع لا تصح لأن المؤرخ أحد علماء اللغة والتفسير قال: إنه العسل، واستدل ببينت الهذلي هذا وذكر أنه كذلك في لغة كنانة لأنه يسلى به ومنه عين سلوان وقال الجوهري: السلوى العسل، واستشهد ببينت الهذلي 5.

ونقل عن الإمام القرطبي

قوله تعالى {وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم} {التوبة:13} ثم ذكر قوله القرطبي في المسألة يقول: أكثر العلماء على أن من سب النبي صلى الله عليه وسلم من أهل الذمة، أو عرض أو استخف بقدره أو وصفه بغير الوجه الذي نعت به فإنه يقتل لأنا لم نعطه الذمة والعهد. على هذا لقوله تعالى {وإن نكثوا أيمانهم}.
 
وقال أبو حنيفة والثوري وأتباعهما من أهل الكوفة: لا يقتل لأن ما هو عليه من الشرك أعظم، ولكن يؤدي.6

أما الرازي:

الإمام الرازي نجده ينقل عن إمامنا القرطبي في مسألة واحدة وهي في تفسيره الآية {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم} {سورة التوبة:9}
 
ثم ذكر الإمام القرطبي قوله في هذه المسألة يقول: لما بايعت الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة بمكة وهم سبعون نفسا، قال عبد الله بن رواحة: اشترط لربك ولنفسك ما شئت فقال أشترط لربي أن تعيدوه ولا تشركوا به شيئا ولنفسي أن تمنعوني ما تمنعون منه أنفسكم وأموالكم، قالوا فإذا فعلنا ذلك فماذا لنا؟ قال الحبة: قالوا ربح البيع لا نقيل ولا تستقيل، فنزلت هذه الآية 7.

اختيارات الإمام أبي عبد الله القرطبي في التفسير:

الإمام القرطبي رحمه الله عند تفسيره يأتي بأقوال السلف في تفسير الآية والأحاديث ويأتي بدليل كل واحد منهم، ليعقب هذه الأقوال في الأخير باختياره قول من هذه الأقوال معلقا عليها ومن بين هذه الأمثلة نذكر ما يلي:
 
في تفسيره لحديث عمر بن شعيب، قال حدثني عمر بن شىعيب، عن أبيه عن جده عبد الله بن عر أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله وسلم فقالت: يا رسول الله إن إبني هذا كان بطني له وعاء، وثدي له سقاء، وحجري له حواء، وإن أباه طلقني وأراده أن ينتزعه مني، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم "أنثي أحق به مالم تنكحي" 7.
 
قال القرطبي: مذكره الطبري عن مجاهد صحيح ثابت، خرج البخاري قال: حدثنا إسحاق، قال حدثنا روح، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: "والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا" قال: كانت هذه العدة، تعتد عند أهل زوجها واجب، فأنزل الله تعالى "والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا" إلى قوله "من معروف" قال: جعل الله لها تمام السنة سبعة أشهر وعشرين ليله وصية، وإن شاءت سكنت، في وصيتها، وإن شاءت خرجت، وهو قول الله تعالى "خير إخراج فإن خرجن فلا جناح عليهم". إلا أن القول الأول أظهر، لقوله عليه الصلاة والسلام "إنما هي أربعة أشهر وعشر، وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالعبرة عند رأس الحول" 8.
 
فرجح القرطبي قول مالك فقال: أصح هذه الأقوال قول مالك، الآن الله سبحانه قال "والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء". فشرط في تربص الأقراء أن يكون عن طلاق، فانتفى بذلك أن يكون عن غيره، وقال: "والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا" فعلق وجوب ذلك بكون المتربصة زوجة، فدل على أن الأمة بخلافها، وأيضا فإن هذه أمة موطوءة بملك اليمين، فكان استبرأها بحيضه، أصل ذلك الأمة 9.

أهم النقط ومصادر المرقمة في موضوع أبي عبد الله القرطبي

1 الأمام الذهبي هو شمس الدين الذهبي محدث وإمام حافظ ولد سنة 673 ه وتوفي سنة 1348 ميلادية.

2 كتاب التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة للإمام أبي عبد الله القرطبي تحقيق الدكتور الصادق بن محمد بن إبراهيم الطبعة الأولى 1425 هجرية.

3 ابن فرحون هو إبراهيم بن علي بن محمد ابن فرحون برهان الدين اليعمري توفي سنة 799 ه.

4 كتاب طبقات المفسرين لشمس الدين الدودي المالكي توفي سنة945 هجرية. الطبعة الأولى 1403 هجرية/1983 ميلادية. الصفحة 69 الجزء 2.
 
5 الكتاب تفسير القران العظيم للمؤلف أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي توفي سنة 774 \ تحقيق سامي بن محمد سلامة \الناشر دار طيبة للنشر والتوزيع الطبعة الثانية 1420 م\1999ه الجزء 1ص 272 /

7 الكتاب مفتاح الغيب للمؤلف أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي الملقب بفخر الدين الرازي خطيب الري توفي 606ه \ النشر: دار إحياء الثرات العربي \الطبعة الثالثة 1420ه.

9 كتاب الجامع لأحكام القران للقرطبي الجزء 4 صفحة 140.

في أماني الله

Post a Comment

أحدث أقدم